في مناطق سيطرة جماعة الحوثي المسلحة في اليمن، تتراكم المآسي يومًا بعد يوم، في ظل انتهاكات صارخة وممنهجة لحقوق الإنسان، طالت النساء والأطفال والمهاجرين وحتى القضاة ورجال القانون، في مشهد يختزل المأساة الإنسانية بأبشع صورها.
قضاء مسلوب وعدالة تحت السيطرة
في هذه المناطق، لم تعد السلطة القضائية مكانًا للعدل، بل تحوّلت إلى أداة بيد الحوثيين، حيث تم رصد حالات اعتداء على قضاة ومحامين، إلى جانب إنشاء كيانات خارج إطار الدولة مثل ما يُعرف بـ”المنظومة العدلية”. هذه الممارسات موجهة للاستحواذ على أملاك المواطنين وتطويع القضاء لخدمة أهداف الجماعة، في انتهاك صارخ لمبدأ استقلال القضاء.
الأطفال وقود الحرب
من أخطر الجرائم التي تُرتكب بشكل يومي، تجنيد الأطفال قسرًا للقتال في صفوف الجماعة، حيث يُزج بهم في جبهات الصراع دون أدنى اعتبار لبراءتهم أو مستقبلهم. يُدرّب هؤلاء الصغار على حمل السلاح بدل حمل القلم، ما يعمّق جراح الطفولة اليمنية ويحوّلها إلى جيل معطوب نفسيًا واجتماعيًا.
الزينبيات: سلاح القمع ضد النساء
لم تسلم النساء أيضًا من الانتهاكات، حيث قامت ميليشيا الحوثي بتشكيل وحدات نسائية أمنية تُعرف بـ”الزينبيات”، تمارس الاعتقال والتعذيب والإذلال ضد النساء الناشطات أو حتى المشتبه بهن. شكاوى متعددة تؤكد ارتكاب هذه الوحدات لانتهاكات جسيمة، من تفتيش مهين إلى تلفيق تهم بهدف الترهيب وكسر الإرادة.
معاناة المهاجرين الأفارقة
أما المهاجرون القادمون من دول القرن الإفريقي، فحظهم أكثر مأساوية، إذ يواجهون الاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والترحيل القسري. ورغم أنهم فارّون من الحروب والفقر، فإنهم يجدون أنفسهم بين براثن جماعة لا تعترف بحقهم في الكرامة أو الحماية الإنسانية.
العالم يصمت… والضحايا يصرخون
وسط كل هذه الانتهاكات، لا يزال صوت الضحايا خافتًا، وصرخاتهم لا تجد صدى يُذكر في أروقة المجتمع الدولي. منظمات حقوقية يمنية ودولية دعت مرارًا لإنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة لمحاسبة الجناة وتوثيق الجرائم، لكن التحرك الفعلي لا يزال محدودًا.
الواقع في مناطق سيطرة الحوثي يعكس صورة دامية لحالة من الإفلات من العقاب، تستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا، ليس فقط لحماية المدنيين، بل من أجل إنقاذ ما تبقى من إنسانية في بلد طحنته الحروب، وابتلعته الميليشيات