في ظل تصاعد حاد للتمييز وخطاب الكراهية ضد المسلمين، تعيش الأقلية المسلمة في الهند وضعًا مقلقًا، لا يقتصر على التهميش الاجتماعي والسياسي، بل يمتد ليشمل تهديدًا مباشرًا لهويتهم ووجودهم، في ظل تنامي النزعة القومية الهندوسية بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم.
كراهية رسمية برعاية سياسية
منذ وصول الحزب الحاكم إلى السلطة عام 2014، ارتفعت وتيرة الخطاب المعادي للمسلمين بشكل غير مسبوق. تصريحات نارية من شخصيات بارزة في الحزب، مثل نوبور شارما وكومار جيندال، تجاوزت كونها آراء فردية لتصبح مؤشرات على سياسة ممنهجة تهدف إلى استبعاد المسلمين من المشهد العام. هذه التصريحات لم تمر مرور الكرام، بل فجرت احتجاجات محلية وغضبًا دبلوماسيًا في العالم الإسلامي.
قانون المواطنة: إقصاء مشرّع
في عام 2019، أقرّ البرلمان الهندي تعديلاً مثيرًا للجدل على قانون المواطنة، يمنح الجنسية لأتباع ديانات محددة من الدول المجاورة – باستثناء المسلمين. هذه الخطوة، التي اعتُبرت طعنًا مباشرًا في مبدأ المساواة، أثارت موجات احتجاج واسعة واتُهمت الحكومة بانتهاك الدستور وحقوق الإنسان.
اضطهاد موثق وتواطؤ مؤسسي
تقارير دولية عديدة صنّفت المسلمين في الهند كـ”أقلية مضطهدة”، موثقةً انتهاكات تشمل العنف الجسدي، حرمانهم من حقوق التعليم والسكن، وفشل السلطات في حمايتهم. وقد وصل الأمر إلى درجة دعم غير مباشر من مؤسسات الدولة لسياسات تمييزية، ما يكشف عن تآكل خطير في مبادئ الديمقراطية.
القومية الهندوسية وإعادة كتابة التاريخ
المؤرخة أودري تراشكي تشير إلى أن القومية الهندوسية تقوم على شيطنة المسلمين باستخدام سرديات تاريخية مشوهة، تُحمّلهم مسؤولية قرون من الحكم الإسلامي، وتستخدمها لتبرير التمييز الحديث. هذه السرديات تُغذّي الخطاب العام وتُحوّل العداء للمسلمين إلى ثقافة سائدة.
وأين العالم؟
أمام هذا المشهد، يبرز سؤال جوهري: لماذا يصمت المجتمع الدولي؟ هل أصبحت المصالح السياسية والاقتصادية مع الهند أهم من حماية حقوق 200 مليون مسلم؟ الصمت الدولي لا يُعتبر تواطؤًا فحسب، بل يُشكّل غطاءً لاستمرار هذه السياسات العنصرية.
الهند، التي طالما تغنّت بأنها “أكبر ديمقراطية في العالم”، تواجه اليوم اختبارًا أخلاقيًا حقيقيًا. وإذا استمر التمييز بلا مساءلة، فإن مستقبل التعددية والعدالة في هذا البلد سيكون في مهب الريح، ومعه تُهدد القيم التي طالما اعتز بها العالم الحر